المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تلفزيون فلسطين، تغطية خاصة، كلمة، السيد الرئيس، الرئيس المصري، مؤتمر القاهرة الدولي حول فلسطين، إعادة إعمار غزة،



Hamzeh
03-31-2015, 10:04 AM
http://archive.mcenter.info/archive01/vbtube/upload/thumb/396_43723.jpg (http://archive.mcenter.info/archive01/vbtube_show.php?tubeid=3659) تغطية خاصة، تلفزيون فلسطين، 12/10/2014، السيد الرئيس، محمود عباس، أبو مازن، الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مؤتمر القاهرة الدولي حول فلسطين، إعادة إعمار غزة،



كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مؤتمر اعادة اعمار قطاع غزة بالقاهرة:
أتوجه بداية بجزيل الشكر والتقدير لرئاسة هذا المؤتمر، والدول الراعية له، ولجميع الدول والمنظمات المشاركة معنا اليوم، والتي لبت الدعوة لإظهار مؤازرتها ونبل مقصدها، بتقديم الدعم لعملية إعادة إعمار قطاع غزة، وأتوجه بتحية خاصة لجمهورية مصر العربية، ولفخامة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي، على مواقفه القومية، وجهوده القيمة تجاه فلسطين، وبخاصة الجهد الكبير الذي بذلته مصر لتحقيق التهدئة، والعمل من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وفق مبادرتها، وكذلك على توجيهاته الكريمة لاستضافة هذا المؤتمر على أرض مصر الكنانة، والذي يأتي استمراراً للدور الريادي الهام للشقيقة مصر في دعم شعبنا والاهتمام بقضيته العادلة.
كما أتقدم بالشكر الجزيل لمملكة النرويج، التي تفضلت بالاستجابة لطلبنا بعقد هذا المؤتمر، بصفتها الدولة الراعية لمؤتمر المانحين منذ عام 1993 وحتى الآن، ولا سيما بعد ما لحق بقطاع غزة من كارثة إنسانية ومن دمار وتشريد، طالت معظم مساكنه وبنيته التحتية ومرافقه ومؤسساته وسكانه، الأمر الذي يحتاج إلى تدخل عاجل وموارد كبيرة، لإعادة بنائه وإعماره، واستعادة أبناء شعبنا هناك حياتهم وكرامتهم.
كم كنت أتمنى أن نكون في غنىً عن عقد هذا المؤتمر للمرة الثانية، لو أن عملية السلام التي بنيت على اتفاقيات أوسلو الموقعة منذ أكثر من عشرين عاماً قد نجحت، ولو أن مبادرة السلام العربية قد تم تطبيقها، ولو أن رؤية حل الدولتين قد تم احترامها، إلا أن أياً من هذا لم يحدث، رغم المحاولات الحثيثة للرباعية الدولية، والإدارات المتعاقبة للولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي، وذلك لأن الاحتلال الإسرائيلي لم يتخل بعدُ عن مخططاته الممنهجة للاستيلاء على أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
إن ما جرى من عدوان إسرائيلي، وما نتج عنه من دمار ومآسٍ في قطاع غزة، أمر لا يمكن احتماله، ولا يمكن المرور عليه دون محاسبة، ومع ذلك فإننا سنواصل العمل والتنسيق مع جمهورية مصر العربية، والجهات ذات العلاقة كافة، لاستمرار التهدئة وتثبيتها.
لقد بادرنا منذ اللحظة الأولى للعدوان على قطاع غزة، وانطلاقاً من مسؤولياتنا تجاه شعبنا، بإجراء الاتصالات واللقاءات، والقيام بعدد من الجولات، لحشد الجهود من أجل وقف نزيف الدم، والعمل على تحقيق وقف لإطلاق النار، وأوفدنا من أجل ذلك لاحقاً فريقاً قيادياً إلى القاهرة لضمان تحقيق ذلك الهدف، وقد نجح هذا الفريق في إجراء الترتيبات اللازمة لضمان تشغيل المعابر، وإدخال مواد إعادة الإعمار، ووصولها للمشاريع المحددة لها بإشراف الحكومة، وبالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة.
كما تم التوصل إلى تفاهمات مع السلطات الإسرائيلية المختصة من أجل تحقيق هذه الأهداف، مع مطالبتنا للأطراف المعنية كافة، بالتحلي بالمسؤولية، لتسهيل تنفيذ هذه المهمة، وعدم وضع أية عراقيل أمام تحقيقها.
إن قطاع غزة الذي تعرض لثلاثة حروب في غضون ست سنوات، قد لحق به دمار كبير، في الأرواح والممتلكات. حيث بلغ عدد الشهداء 3760 شهيدا، منهم 2145 في الحرب الأخيرة، وبلغ عدد الجرحى 18100 جريحا، منهم 11200 في الحرب الأخيرة، وبلغ ما تم تدميره أو تضرر من المنازل أكثر من 80000 بيتا ومؤسسة، منها 61800 في الحرب الأخيرة، كما تضررت مرافق البنية التحتية، والمرافق العامة، ومنشآت القطاع الخاص بشكل كبير، بما في ذلك محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والنقل.
ونتيجة لذلك حدثت مآسٍ يصعب وصفها بالكلمات، فأحياء بكاملها أصبحت ركاماً، وأكثر من تسعين عائلة لم تعد موجودة في السجل المدني للسكان، ومئات الآلاف من الناجين شردوا، ولا زال أكثر من مائة ألف منهم دون مأوى للآن، وهم يحتاجون لمن يلمّ شملهم، ويضمد جراحاتهم، ويمد لهم يد العون، ويوفر لهم السكن المؤقت، إلى أن يتم بناء بيوتهم، علماً بأن بعضاً منها لم يتم إعادة بنائه منذ عدوان العام 2009. وقد لحق بالقطاع الخاص أضرار جسيمة، حيث دُمرت آلاف المنشآت الاقتصادية الصناعية والزراعية والتجارية، الأمر الذي شكل ضربة قاصمة لهذا القطاع الحيوي، ففقد الآلاف من الموظفين والعمال مصادر رزقهم، ولحقت خسارة كبيرة برؤوس الأموال.
وهنا فإننا نؤكد وقوفنا إلى جانب القطاع الخاص في غزة، ليتمكن من النهوض مجدداً واستعادة عافيته، وستقوم الحكومة بتقديم كل المساندة اللازمة، من أجل تمكينه من المساهمة في عملية إعادة الإعمار، وتذليل العقبات التي تواجهه في مجال التصدير والاستيراد، وإدخال المعدات ومواد الإعمار، والسير قدماً إلى الأمام.
على صعيد آخر، فإن هناك حاجة ماسة للمساعدة، في إعادة بناء المؤسسات الحكومية في قطاع غزة، لأنها كلها دمّرت، التي يجب أن تكون مع نظيراتها في الضفة الغربية، تحت ولاية حكومة الوفاق الوطني، وإزالة العقبات التي تواجه عملها في هذا المجال، وكذلك إعادة تشغيل المعابر بين المدن الفلسطينية في كل من غزة والضفة، وبين فلسطين والعالم، فلا يعقل أن يظل اقتصاد فلسطين رهينة إجراءات الاحتلال وممارساته العقابية.
وأود هنا أن أتوجه لأهلنا في قطاع غزة:
إنكم في صميم قلوبنا، وسنظل نعمل دون كلل أو ملل من أجل رفع الظلم عنكم، وإنهاء المعاناة التي تعيشونها منذ سنوات، سنضمد جراحاتكم التي هي جراحات عميقة في نفوسنا، سنعمر قطاع غزة، ونعيد بناءه بالاعتماد على الله أولاً، ثم على همة شعبنا وقدراتنا الممكنة والمتاحة، وبدعم من أشقائنا، وأصدقائنا في العالم، الذين نثق بأنهم لن يخذلونا في دعم اقتصادنا وتحسين أوضاعه، وتمكينكم من استعادة حياتكم الكريمة في وطنكم، وإخراجكم من هذه الحالة الكارثية التي سببتها الحرب الظالمة، فقد هزت مأساتكم ضمير العالم.
إن انعقاد هذا المؤتمر الهام في هذه الظروف البالغة الدقة والتعقيد، إنما هو تأكيد على ارتباط عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة بمجمل الاقتصاد الوطني الفلسطيني، وعلى حقيقة واضحة وراسخة، وهي أن قطاع غزة إلى جانب الضفة الغربية وبما فيها القدس الشرقية، تشكّل وحدة جغرافية واحدة، نسعى لجلاء الاحتلال الإسرائيلي عنها.
وإذ أشيد بدعم الدول الشقيقة والصديقة، والمنظمات، والهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية، التي سارعت للوقوف إلى جانبنا، وتقديم مساعدات إنسانية طارئة، ساعدت في تخفيف آثار الحرب على أهلنا في قطاع غزة، فإننا نعول مجدداً على دعمكم لإعادة إعمار ما تم تدميره، وفق الخطة التي أعدتها حكومتنا، والتي توضح مدى ما لحق بالقطاع من تدمير هائل، وتحدد الموازنة اللازمة لذلك، والتي تبلغ حوالي أربعة مليارات دولار.
وهنا نؤكد بأن الحكومة ستعمل على تنفيذ هذه الخطة بكل مسؤولية وشفافية، وبالتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة، والدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، وبالتعاون مع هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وسيتم عرضها عليكم لاحقاً في إطار هذا المؤتمر، وآمل أن تحظى بدعمكم واهتمامكم. إننا على يقين تام من توفر الإرادة السياسية الإقليمية والدولية لحشد الدعم والتمويل اللازم لإعادة الإعمار، واثقين بأنكم ستقومون بأداء دوركم في تمويل هذه الخطة ودعم تنفيذها.
إننا فخورون بما تم إنجازه بالتعاون معكم، أيها الشركاءُ، الإخوة والأصدقاء، وأنتم تعلمون دون شك، مدى وحجم الآثار المدمرة لاستمرار الاحتلال والاستيطان على حياة شعبنا واقتصادنا الوطني، ففلسطين بلد واعد في مجال الاستثمار، وآفاقه رحبة، ومجالاته عديدة، غير أن الاحتلال والاستيطان على أراضي دولة فلسطين، يحرمنا من استثمار وتطوير 60% من أراضي الضفة الغربية ومصادرها الطبيعية، ويسبب خسائر هائلة وفق تقارير البنك الدولي، تصل إلى ثلاثة مليارات دولار سنوياً.
وهنا لو تمكنا من استغلال أرضنا، كفيل بأن يخرجنا من العجز المزمن في موازنة الحكومة الفلسطينية، وتحقيق قدر أوفر من الاعتماد على الذات.
وكما أسلفت، فقد عملنا مع المجتمع الدولي على مدى العقدين الماضيين، على بناء وتجهيز مؤسسات الدولة الإدارية والسياسية، والقضائية، والاقتصادية، والأمنية، لدولة عصرية، تعتمد على الذات. لا نحتاج فقط إلا الاستقلال.
لقد وضعنا منظومة من القوانين والنظم، وبنينا بنية تحتية، ومرافق صحية وتعليمية، وغيرها، وأنشأنا هيئات رقابية شفافة، الأمر الذي جعل المؤسسات المالية الدولية تشيد في تقاريرها المتكررة بحسن أداء الحكومة المالي والإداري والأمني، ونتطلع بأمل كبير إليكم لاستمرار دعمنا لمواصلة هذه الجهود.
إن عدم التزام الحكومة الإسرائيلية بالمرجعيات الدولية، وقرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين على أساس حدود 1967، مع حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً ومتفقاً عليه استناداً لمبادرة السلام العربية، المعتمدة في قمة بيروت في عام 2002، وكذلك في مؤتمرات القمة الإسلامية، يدفع بمنطقتنا مجدداً نحو دوامة العنف والنزاع.
وإن ما تتعرض له القدس، والمسجد الأقصى، والمقدسات المسيحية والإسلامية عامة هذه الأيام، من قبل المستوطنين الإسرائيليين، ووزراء في حكومة إسرائيل، لفرض حالة تقسيم زماني ومكاني فيها، هو بمثابة صب الزيت على النار في منطقتنا، التي تشهد للأسف الشديد، حالة غير مسبوقة من التطرف والتأجيج الطائفي والمذهبي، وتحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني، الأمر الذي يهدد أمن المنطقة واستقرارها، والسلام الاجتماعي فيها. وقد دعت منظمات يهودية متطرفة اليوم للزحف نحو المسجد الأقصى بهدف الوصول إليه واحتلاله باعتباره جبل الهيكل.
وفي هذا الصدد، فإن الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب لن تكون لها مصداقية طالما ظل شعبنا الفلسطيني محروماً من حريته واستقلاله.
ونحن نؤكد على موقفنا الدائم؛ بأننا سنظل مع محاربة الإرهاب بأشكاله كافة، نقف بحزم ضد جماعات التطرف مهما كان اسمها، وضد كل من يحاول استخدام ديننا الإسلامي السمح لخدمة مخططاته الإرهابية.
لقد كشف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هشاشة وخطورة الوضع في منطقتنا في ظل غياب سلام عادل، وجهود دولية تراوح مكانها، ووعود لم تتحقق، ورغم كل ما نشعر به من ألم ومرارة، فإننا نؤكد للجميع، بأننا لا زلنا متمسكين بالسلام، وبالتزاماتنا كافة، وفق الشرعية الدولية ومواثيقها وقراراتها، والاتفاقات المبرمة.
ولا بد هنا من إيجاد مقاربة دولية جديدة لحل الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، تنهي الاحتلال الإسرائيلي، وتفضي إلى إقامة دولة فلسطينية والقدس الشرقية عاصمتها على حدود العام 1967، لتعيش إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وحسن جوار، تطبيقاً لرؤية حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، فشعبنا الفلسطيني ومنطقتنا بأسرها لا يحتملون المزيد، والوضع في المنطقة على حافة الهاوية.
ولذلك، فإن المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى، بدعم سعينا لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، يضع سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال، والذهاب من ثمّ إلى مفاوضات جادة لحل قضايا الوضع النهائي كافة بدءاً بترسيم الحدود في إطار جدول زمني محدد، لا يتعارض مع التزاماتنا بتحقيق السلام العادل والشامل، على نحو يكفل الأمن والاستقرار لجميع شعوب ودول المنطقة، ويسهم في تعزيز السلم والأمن العالميين.
وهنا يحق لنا أن نتساءل: أما آن لشعبنا أن ينعم بحريته وكرامته وسيادته واستقلاله في دولته الخاصة به؟ وهل هذا كثير، أيها السيدات والسادة؟ أما آن للحق والعدل أن يبسطا ظلالهما على فلسطين؟ أما آن للظلم التاريخي لشعبنا أن ينتهي؟ أما آن لأطول احتلال في العصر الحديث أن ينتهي؟ أسأل هذا السؤال وأتمنى جوابا، لماذا شعب فلسطيني آخر شعب تحت الاحتلال؟ هل تنقصنا الثقافة والتعليم؟ لدينا كل شيء، لدينا 53 مؤسسة جامعية في الأرض الفلسطينية.
لم يعد مقبولاً أن نعيش تكرار النكبات والمآسي والحروب، وطلب إعادة الإعمار كل عامين. فعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، بعدم السماح بتعريض شعبنا الفلسطيني مجدداً للعدوان والدمار والتشريد والمعاناة، من خلال دعمه لمطلبنا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا، وتنفيذ رؤية حل الدولتين ومبادرة السلام العربية. هذا كل ما نطالب به.
أجدد شكري لكم جميعاً، وأثمن عالياً دعمكم وتضامنكم مع فلسطين أرضاً وشعباً وقضية، راجياً لهذا المؤتمر تحقيق غاياته المنشودة، ومعبراً عن امتناننا وتثميننا العالي للجهود التي بذلت من أجل تنظيمه وانعقاده على هذه الأرض الطيبة، التي نتمنى لها ولشعبها ولقيادتها مزيداً من الاستقرار والازدهار.



فلسطين:
كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر اعمار غزة بالقاهرة:
فخامة الرئيس محمود عباس ... رئيس دولة فلسطين، أصحاب السمو والمعالى، السيدات والسادة، يطيب لي فى البداية أن أرحب بكم على أرض مصر، بيت العروبة، وأن أنقل لكم تحية شعب مصر العظيم الذى يعتز بحضوركم اليوم إلى القاهرة، ويقدر استجابتكم لهذه الدعوة التي بادرت بتوجيهها إليكم جمهورية مصر العربية ومملكة النرويج الصديقة، لكي نؤكد تضامننا جميعا مع شعب فلسطين الشقيق في محنته، وحتى نتفق معا على أفضل السُبل لتوفير الدعم اللازم لقيادته الشرعية ولحكومته الوطنية في جهودهما لإعادة إعمار قطاع غزة، الذى كان وسيظل جزءا أصيلا من دولة فلسطين التي نتطلع إلى استقلالها وتمتع شعبها بكامل حقوقه المشروعة على كل بقعة من أراضيها".

"السيدات والسادة، يمثل هذا المؤتمر خطوة هامة لا غنى عنها لدعم الجهود المصرية التي انطلقت منذ اندلاع الأزمة الأخيرة في غزة، فلقد حملت مصر على عاتقها مسؤولية حقن الدماء والحفاظ على أرواح الفلسطينيين الأبرياء وصيانة مقدرات الشعب الفلسطيني، وواصلت مساعيها دون كلل منذ أن أعلنت مبادرتها لوقف إطلاق النار، حيث رعت عدة جولات تفاوضية خلال واحد وخمسين يوما من القتال، إلى أن نجحت ـ رغم الصعاب التي أعاقت جهودها المخلصة ـ في التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في السادس والعشرين من أغسطس الماضي، كما استمرت جهود مصر لمتابعة ذلك الإنجاز لضمان تثبيته، وهو ما تحقق من خلال دعوتها الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بالقاهرة فى الشهر الماضي للتوصل إلى تفاهمات حول القضايا المعلقة، وتوافقهما على مواصلة المفاوضات خلال النصف الثاني من الشهر الجاري".

"وبالتوازي مع ذلك، عملت مصر على رأب الصدع الفلسطيني من منطلق مسؤوليتها تجاه رعاية جهود المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، وأثمرت مساعيها عن التوصل إلى تفاهمات حول قضايا المصالحة، الأمر الذي يعزز عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وممارسة حكومة التوافق الوطني لمسؤولياتها نحوه، تأكيدا لوحدة الأراضي الفلسطينية تحت راية واحدة وعنوان وحيد للشرعية".

"ولم تكتفِ مصر بأن تمارس دورها سياسيا، بل امتد جهدها ليشمل البعد الإنساني عبر توفير احتياجات الأشقاء الفلسطينيين من المؤن الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية.. بالإضافة إلى توفير العلاج للجرحى والمصابين بالمستشفيات المصرية، وستظل مصر ملتزمة بوفائها للشعب الفلسطيني وبمساندة قضيته العادلة، تعبيرا عن مواقف أصيلة وأخوة حقيقية تؤكد بهما مصر أن القضية الفلسطينية كانت وستظل قضية العرب الأساسية".

"إن ما قامت به مصر على تلك الأصعدة يؤسس أرضية مناسبة لتفعيل التحرك الدولي العاجل والمطلوب، بالتنسيق والتعاون مع الحكومة الفلسطينية، لإعادة الإعمار وإصلاح الأوضاع المأساوية التى خلفتها الأزمة الأخيرة، فعملية إعادة الإعمار وتلبية احتياجات المواطنين في قطاع غزة تستند إلى محورين أساسيين وهما : التهدئة الدائمة، وممارسة السلطة الوطنية لصلاحياتها فى القطاع، وعلينا جميعا أن نرتكز عليهما وألا نخذل الشعب الفلسطيني الذي يعلق على هذا المؤتمر آمالا كبيرة، لكنها أكثر تواضعا إذا ما قيست بإمكانات المجتمع الدولي".

"السيدات والسادة، إن انعقاد هذا المؤتمر يوجه دون شك رسالة هامة إلى شعب فلسطين وإلى المنطقة والمجتمع الدولي بأسره، وهذه الرسالة لا تتعلق فحسب بالتعاطف والمؤازرة والاستعداد لبذل الدعم والمساندة، لكنها تتناول أيضا ضرورة وضع حد لاستمرار الوضع القائم، وعلى استحالة العودة إليه، أو محاولة تحقيق استقرار مؤقت لن يدوم طويلا، وتلك كلها استخلاصات صحيحة، يعززها اقتناعنا جميعا بأن الطريق الوحيد لاستدامة السلم والأمن لكل شعوب المنطقة هو التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وشاملة، استكمالا لمسيرة السلام التي بدأتها مصر في سبعينيات القرن الماضي.

"فلا بديل عن هذه التسوية حتى يتسنى للشعب الفلسطيني التفرغ للبناء دون أن يخشى تدمير ما بناه بسواعده وبدعمكم، كما أنه لا يخفى عليكم أن استمرار حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة طالما وفر الذرائع، لمن يدعون الدفاع عنها، لزرع بذور الاستعداء والشقاق ولاختلاق المحاور ولمحاولة فرض الوصاية على شعب فلسطين الشقيق بدعوى دعمه لتحقيق تطلعاته، وبالتالي، فإن علينا أن نعمل لكي نحرم كل هؤلاء من فرصة استغلال معاناة الشعب الفلسطيني لتحقيق أغراضهم، وفي ذات الوقت لنؤكد تمسكنا بالقيم والمبادئ الإنسانية وبالقانون والشرعية الدولية التي نتمسك جميعا بها".

"السيدات والسادة، لقد ساهمت مصر ودعمت بشكل إيجابي كل المبادرات والتحركات الصادقة التي استهدفت تحقيق السلام في الشرق الأوسط على أسس عادلة وسليمة، ومن هذا المنطلق، أعربت مصر في عدة مراحل عن تقديرها للجهود التي بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية وآخرها تلك التي تعثرت في شهر إبريل الماضي، كما أنها دأبت أيضا على التحذير من عواقب تزايد التوتر والتصعيد غير المبرر قبل اندلاع القتال في قطاع غزة، والذي مثل إنذارا خطيرا لكل الأطراف من عواقب الانزلاق إلى دائرة العنف والتدمير.

"إن مصر، إذ تدرك المخاطر والتحديات التي تحيط بمنطقتها، ومن منطلق دورها التاريخي والإقليمي ورؤيتها القائمة على مبادئ ثابتة وقيم راسخة، لتدعو إلى السعي بإرادة وتصميم لتحقيق التسوية الشاملة والعادلة، وهذه دعوة لا أوجهها لقادة وزعماء الدول فحسب، لكنني حريص على أن تسمعها شعوب المنطقة كلها، تلك الشعوب التي كابدت ويلات الحروب، وحزنت لسقوط الضحايا، ومازالت تضمد الجرحى وتسمع أنين المصابين".

"ومن هنا فإنني أنادى الإسرائيليين شعبا وحكومة: لقد حان الوقت لإنهاء الصراع دون إبطاء، للوفاء بالحقوق، لإقامة العدل حتى يعم الرخاء ويحصد الأمان، كما أثق في أنكم جميعا تشاركونني النداء إلى كل أم وأب، إلى كل طفل وشيخ، فى فلسطين وفى إسرائيل، كي نجعل من هذه اللحظة نقطة انطلاق حقيقية لتحقيق السلام الذي يضمن الاستقرار والازدهار، ويجعل حلم العيش المشترك حقيقة، تلك هي الرؤية التي تضعها المبادرة العربية للسلام الذي نتطلع إليه، والذي يحتم علينا أن يكون ميراثنا للأجيال القادمة".

"السيدات والسادة، أرحب بكم مرة أخرى على أرض مصر، وأجدد تقدير جمهورية مصر العربية ومملكة النرويج الصديقة لاستجابتكم لدعوتهما، وأتمنى مخلصا أن تكون نتائج هذا المؤتمر على قدر توقعات وآمال شعب فلسطين وشعوب المنطقة بأكملها، كما أؤكد لكم استعداد مصر لتقديم كل دعم ممكن بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي؛ اتساقا مع دورها التاريخي والمسؤول إزاء أمتها ومنطقتها وإقرارا لمبادئ الحق والقانون والشرعية".http://archive.mcenter.info/archive01/vbtube/images/play_thread.png (http://archive.mcenter.info/archive01/vbtube_show.php?tubeid=3659)